قال نائب مفتي أوكرانيا مراد سليمانوف إن عدد المسلمين النازحين من أوكرانيا منذ بدء الحرب وصل إلى ما لا يقل عن 100 ألف مسلم، مشيرا إلى أن “غالبية المسلمين في شرق أوكرانيا تركوا منازلهم واتجهوا نحو الغرب الأوكراني، ومنهم من غادر الى احدى الدول الاوروبية “. أو إلى تركيا.

وأضاف، في حديث خاص لـ “عربي جيست 21″، أن “المسلمين القادمين من الشرق هم أول ما يبحثون عنه في المساجد، لذلك يتواصلون معنا لتزويدهم بالمعلومات للتعرف على الطرق الآمنة لأخذهم وأماكنهم. للبقاء وأماكن لبيع الملابس أو الطعام “.

وأوضح سليمانوف أنه “خلال شهر رمضان المبارك يقوم مجلس مسلمي أوكرانيا بتوزيع الاحتياجات الغذائية على بعض الأسر المحتاجة، حيث نقوم بإعداد الطعام وإعداد الإفطار للنازحين وتوفير السكن والراحة لهم وكذلك توزيع الملابس. والأدوية، ومساعدتهم قدر الإمكان “.

وشدد نائب مفتي أوكرانيا على أنه “لا يمكن القول إن كل المفتين والخطباء الروس يؤيدون الحرب، وأنا متأكد تمامًا من أن معظمهم ضد الحرب، لكنهم لا يستطيعون إعلان ذلك خوفًا من السلطة الاستبدادية”.

وفيما يلي نص المقابلة الحصرية مع برنامج “الضيف العربي 21”:

كيف هي اوضاع مسلمي اوكرانيا في ظل استمرار الحرب الروسية للشهر الثاني على التوالي؟

في بداية الحرب، هجر العديد من المسلمين منازلهم، وخاصة سكان المناطق في شرق البلاد الذين غادروا بأعداد كبيرة. وترك المسلمون مدنهم نتيجة الضربات العسكرية، وتعريضهم لخطر شديد، ودخول القوات الروسية .. ولا شك أن من مقاصد الإسلام الحفاظ على الروح، بما في ذلك حماية الأسرة والطفل. في حين أن هناك عددًا من المسلمين الذين لم يتمكنوا من الخروج لأسباب مختلفة، بما في ذلك المرض، أو مرض أحد الوالدين، أو غير ذلك، فإن غالبية المسلمين في شرق أوكرانيا تركوا منازلهم واتجهوا نحو الغرب الأوكراني، و بعضهم غادر إلى إحدى الدول الأوروبية أو إلى تركيا.

ماذا عن وضعك الآن في شهر رمضان المبارك؟

الحمد لله. نصوم شهر رمضان، ونعمل الطاعات قدر المستطاع. نحن في مجلس مسلمي أوكرانيا، والإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا، خلال هذا الشهر الكريم، نقوم بتوزيع الاحتياجات الغذائية على بعض العائلات المحتاجة، بتمويل أوكراني وآخر من خارج أوكرانيا ؛ رمضان شهر مبارك ونريد أن نستفيد فيه من الحسنات، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحب الناس إلى الله خير الناس”. هذا هو السبب في أننا نساعد قدر الإمكان، حيث نقوم بإعداد الطعام، وإعداد الإفطار للنازحين إلى غرب أوكرانيا، وتوفير الإقامة والراحة لهم، ومساعدتهم قدر الإمكان.

إذا تحدثت عن طبيعة الدور الذي لعبه مجلس مسلمي أوكرانيا خلال تلك الحرب؟

في بداية الحرب كان المجلس يستقبل النازحين في المساجد والمراكز الإسلامية. الحمد لله توجد عدة مراكز إسلامية في غرب أوكرانيا. المسلمون القادمون من الشرق أول ما يبحثون عنه هو المساجد فيصلون بنا ليقدموا لهم المعلومات. المعلومات في هذه الأوقات مهمة، حتى يعرفوا الطرق الآمنة لأخذها، وأماكن الإقامة، وأماكن بيع الملابس أو الطعام .. المكالمات الهاتفية التي تأتي إلينا من الصباح حتى المساء لا تتوقف.

منذ اليوم الأول للحرب ونحن نستعد لاستقبال النازحين في المساجد، ومتوسط ​​عدد المسلمين الذين نستقبلهم يوميًا يتراوح بين خمسين ومائة شخص. خلال الفترة الماضية، استقبلنا قرابة ثلاثة آلاف مسلم، وكنا نستقبلهم داخل المراكز وتهيئة أماكن لهم للإقامة، وتراوحت مدة إقامتهم بين يوم وثلاثة أيام. أيام، ومكثت بعض العائلات قرابة أسبوعين، وخلال هذه الفترة قمنا بإعداد الطعام لهم يوميًا، بالإضافة إلى توزيع الملابس، كما أنشأنا صيدلية داخل المركز لسد احتياجات الدواء، وما زالت الصيدلية قائمة. داخل المركز ونقوم بتوزيع الادوية بالمجان.

مع حلول شهر رمضان بدأنا بتوزيع طرود غذائية – كما ذكرت سابقاً – على عائلات النازحين القادرين على توفير السكن الخاص. منذ بداية شهر رمضان قمنا بتوزيع ما يقرب من 500 طرد غذائي، ويزن كل طرد أكثر من 20 كيلوجرامًا، ويضم أرزًا ودقيقًا وزيتًا. ، والسكر، وما إلى ذلك، وبالنسبة لبعض العائلات نمنحهم مساعدة مالية لشراء ما يحتاجونه بأنفسهم، بخلاف وجبات الإفطار الجماعية.

وهل هناك دعم يلقاه مسلمو أوكرانيا من الدول الإسلامية أم لا؟

نعم، هناك مساعدة تأتي من أناس، بعضهم على سبيل المثال، يعيشون في أوروبا، ويعرفوننا جيدًا ويعرفون دور مجلس مسلمي أوكرانيا. كان لدينا الكثير من المشاريع الخيرية قبل الحرب، وفي الأيام الأولى للحرب تلقينا العديد من المكالمات من الأشخاص الذين يعرضون المساعدة، ووجهناهم نحو طرق للمساعدة: مثل شراء البضائع أو إرسال الأموال ؛ كان بعض الإخوة يرسلون إلينا مواد غذائية من أوروبا ونقوم بتوزيعها على المسلمين هنا.

أود أن أؤكد أن الأولوية في مساعدتنا هي للمسلمين، ولكن في بداية الحرب ومع تدفق أعداد كبيرة من سكان المدن الشرقية وإقامتهم في محطات القطار، اعتدنا زيارة هذه الأماكن و تحضير الطعام والشاي والقهوة للجميع، لأن رحلة القطار استغرقتهم أكثر من ثلاثة أيام، وكان الازدحام شديدًا، فبالإضافة إلى الشعور بالتعب واليأس، اعتدنا أن نقدم لهم الطعام والشراب ونتحدث معهم بكلمات طيبة. تريحهم قليلاً، وكانوا سعداء بذلك، بالإضافة إلى توفير المعلومات عن الأماكن وغيرها، عندما رأى المسلمون في الخارج هذه الأعمال الصالحة التي أرادوا أن يدعموها.

هل تواجه مشاكل في تلبية احتياجات المسلمين خلال الحرب الدائرة؟

نعم، مشاكل تتعلق بهدم العديد من المنازل. على سبيل المثال، لدي صديق أوكراني اعتنق الإسلام منذ 20 عامًا، وهو خطيب مشهور هنا، وكان يعيش مع عائلته الكبيرة في إحدى المناطق التي شهدت مواجهات عنيفة بين الجيشين الروسي والأوكراني، وكذلك ونتيجة لذلك دمر الجيش الروسي منزله بالكامل، ومثل هذه الحالات كثيرة ؛ نحاول مساعدة جميع المسلمين في أوكرانيا قدر الإمكان، ونتواصل مع جميع المراكز الإسلامية في مختلف المناطق ونوفر لهم الدعم المطلوب.

ما رأيك بمواقف بعض الدول العربية والإسلامية الداعمة للنظام الروسي في حربه ضد أوكرانيا؟

وذلك لجهلهم ببعض المعلومات بشكل صحيح، وهذه “فتنة كبيرة”، بسبب مشاركة بعض المسلمين في صفوف الجيش الروسي، وقد تسمع صيحات “التكبير”. في المقابل هناك مسلمون يشاركون في صفوف الجيش الأوكراني، إضافة إلى الدعاية الروسية الموجهة إلى الدول العربية، والتي تقول إن أمريكا تريد الدمار، وهذا غير صحيح، ولأن أمريكا تعتبر عدوًا لها. بعض المسلمين في الدول العربية كالعراق وغيرها، فينظرون إلى الأمر من هذا المنظور، ويصدقون تلك المزاعم، ولا يجوز – ولو من الناحية القانونية – الإفراج عن الأحكام دون إثبات ؛ قبل نشر مثل هذه الكلمات يجب على الجميع التحقق من صحتها، وبالتالي فإن مثل هذه المواقف مؤسفة ونحن ندينها.

في بداية الحرب خاطبت مسلمي روسيا وخاصة الدعاة والعلماء ومفتي المسلمين في روسيا للمساهمة في وقف الحرب .. هل كان لهذه الخطب أي أثر أو نتيجة؟

لا، لم نر أثراً، وأعتقد أن الأمر تحكمه السياسة، ولا أعتقد أن أحد المفتين في روسيا يخرج ويعلن أنه ضد الحرب ومن ثم يكون لذلك تأثير، ونحن لا أستطيع أن أقول إن جميع المفتيين والخطباء الروس يؤيدون الحرب، وأنا متأكد تمامًا من أن معظمهم ضد الحرب، لكنهم لا يستطيعون إعلان ذلك خوفًا من السلطة المستبدة. أما الذين يخرجون ويقولون: هذا “جهاد” ونحو ذلك .. أدعو الله الهداية.

هل لديكم جرد لعدد المساجد التي دمرت في أوكرانيا خلال العملية العسكرية الروسية؟

لم تتضرر بعض المساجد، وبعضها تضرر من إطلاق النار، وأغلقت معظم المساجد في شرق أوكرانيا بالكامل بسبب الخطر الشديد. ويوجد مسجد في لوغانسك تعرض لعدة ضربات، وآخر في دونيتسك، وثالث في الجنوب الشرقي، والحمد لله أن المساجد لم تتعرض لانفجارات كبيرة، بل رصاص فقط.

كم عدد المسلمين النازحين من أوكرانيا؟

لا أستطيع أن أحصيها بدقة، لكن على الأقل 100000 مسلم.

ماذا عن عدد القتلى والجرحى المسلمين في أوكرانيا؟

يوجد قتلى من المسلمين ولكن نشكر الله أن عددهم ليس كبيرا، بعضهم مات نتيجة الحرب والقصف الروسي، وبعضهم مات نتيجة الأمراض، على سبيل المثال: إحدى العائلات التي أقاموا في مسجدنا قادمًا من مدينة خاركيف – إحدى مدن شرق أوكرانيا – ونتيجة للضربات العسكرية المتكررة، عاشوا في حفرة أسفل منزلهم لمدة ثلاثة أيام، ودرجات حرارة منخفضة وانتشار الثلوج .. أصيب الأطفال بنزلات البرد، وتوفي أحد الأطفال الذي لم يتجاوز عمره 40 يومًا فور وصوله إلى مدينة لفيف ؛ ولا تقتصر أسباب الوفاة على القذائف والرصاص بل قد تمتد لسقوط وتدمير المنازل على رؤوس أصحابها.

وحتى الآن لا توجد إحصائيات موثقة عن عدد الضحايا المسلمين نتيجة انعدام الأمن وعدم الاستقرار الذي يعاني منه الجميع. يفكر الجميع فقط في ما يمكن أن يكون عليه الوضع غدًا.

هل هناك قيود على مسلمي أوكرانيا على غرار ما تفعله السلطات الروسية ضد بعض المسلمين الموجودين هناك؟

لا، لا توجد قيود كما تفعل السلطات الروسية ؛ يوجد في روسيا خوف حتى من الحديث عن الحرب، وقد يُسجن الشخص لمدة تصل إلى خمسة عشر عامًا إذا انتقد الحرب.

هل طلبت منك السلطات الأوكرانية الإدلاء ببيانات أو فتاوى محددة ترفض العدوان الروسي؟

لا إطلاقا .. السلطات لم تطلب منا أشياء من هذا القبيل. بل كانت توجهات ورغبات المسلمين الشخصية في أوكرانيا مخاطبة المسلمين في روسيا، والمسلمون في أوكرانيا لا يحتاجون إلى مثل هذه الأوامر. كل الأشياء واضحة ومن واجبنا أن نقول الحقيقة بصراحة.