أثارت الاستشارة الإلكترونية التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيد جدلًا في واسط في الأوساط السياسية والشعبية، حيث اقتربت من موعد انتهائها، بدعوات لمقاطعتها.

في منتصف الشهر الجاري، أطلق سعيد الاستشارة الوطنية عبر الإنترنت، والتي ستستمر حتى 20 مارس المقبل، موعد استقلال تونس عن فرنسا، على أن يتم تجميع المقترحات وتقديمها للاستفتاء في 25 يوليو.

وتشتمل الاستشارات الوطنية على 6 ملفات: الشؤون السياسية والانتخابية، والشؤون الاقتصادية والمالية، والصحة وجودة الحياة، والشؤون الاجتماعية، والتنمية والتحول الرقمي، والشؤون التربوية والثقافية.

لدى التونسيين 5 خيارات في كل ملف، مما يترك مجالًا لحرية التعبير.

وبحسب سعيد، ستقوم لجنة من خبراء القانون الدستوري في وقت لاحق بترجمة المقترحات إلى مشاريع قوانين سيتم التصويت عليها في استفتاء شعبي في 25 يوليو.

من خلال هذا الاستفتاء، يعتزم رئيس البلاد تغيير النظامين السياسي والانتخابي، مع تلميحاته السابقة إلى أن “دستور 2014 لم يعد صالحًا، ولا يمكن الاستمرار في تنفيذه لأنه لا يتمتع بالشرعية”، شريطة أن الانتخابات التشريعية المبكرة سوف 17 كانون الأول (ديسمبر) 2024، بناءً على نظام سياسي جديد وقانون انتخابي.

وقبل أيام اتهمت رئاسة الجمهورية جهات (لم تسمها) بمحاولة إجهاض “الاستشارة الإلكترونية، خاصة وأن عدد المشاركين فيها لم يتجاوز (في ذلك الوقت) 244 ألف”.

الخطوة الأولى

واعتبر المحلل السياسي صغير الحيدري أن “الاستشارة تمثل خطوة أولى في خارطة الطريق التي أطلقها سعيد في كانون الأول ونجاحها نجاح للخريطة ككل”.

وأضاف الحيدري، للأناضول، أن “فشل المشاورات أمر تم تداوله حتى من قبل العديد من المسؤولين”.

وأضاف: “هذا لن يكون فشلا لخارطة الطريق، لأن التشاور مرتبط بشكل مباشر بقدرات متواضعة لدى التونسيين، وأهمها الوصول إلى الإنترنت، ومستواه ضعيف جدا وضعيف. “

وأشار وزير الشباب والرياضة كمال دقيش في تصريحات سابقة له إلى أن “غياب تغطية الإنترنت في عدة مناطق هو سبب قلة الإقبال على الاستشارة الإلكترونية”.

واعتبر الحيدري أن “هناك تفاؤل مبالغ فيه بين الأصوات المعارضة لقيس سعيد، الذين يعتبرون فشل الاستشارة فشل لخارطة الطريق ككل، لكن ما زالت هناك خطوات أخرى أهم منها”.

وأشار إلى أن “الاستفتاء من أهم خطوات الخارطة التي طرحها قيس سعيد والتي برأيي ستحدد نسبة حضور ومشاركة أقوى”.

إقبال منخفض

من جهته يرى الباحث في الشؤون السياسية حمزة المضيب أن “طلب الاستشارة ضعيف وبعيد عن كل توقعات (توقعات) الحكومة”.

وفي حديث للأناضول، قال المؤدب إن “الاستشارة هي خطوة لم يحظ بقبول واسع من الرأي العام بسبب العدد المخزي للمشاركين”.

واضاف ان “قلة المشاركة ستضر بشرعية العملية السياسية برمتها، لا سيما وان الهدف من الاستشارة هو تحديد الخطوط العريضة للاستراتيجية السياسية التي وضعها قيس سعيد”.

واختتم المضيب بالقول: “من الصعب اليوم تحديد وصياغة الخطوط العريضة لاستراتيجية سعيد، من خلال عدد قليل من المشاركين، لأن آرائهم لا يمكن أن تعكس مقترحات شعب بأكمله”.

وانتقدت عدة أطراف استشارة سعيد الإلكترونية ودعت إلى مقاطعتها، مثل رئيسة “الحزب الدستوري الحر” عبير موسى التي اتهمت الرئيس سعيد بتوظيف الاستشارات الإلكترونية “لأغراض ذاتية”، واصفة إياها بـ “التاريخية”. النصب والاحتيال.”

من جهته أعلن الحزب الجمهوري رفضه تسخير إمكانات الدولة لتنفيذ المشروع السياسي للرئيس سعيد.

كما دعت مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” الأهالي إلى مقاطعة الاستشارة التي دعا إليها الرئيس سعيد، متهمة إياه بتوظيف مؤسسات الدولة في مواجهة خصومه.

ودعا حزب التيار الديمقراطي بدوره إلى المقاطعة، معتبراً ذلك “عبثاً سياسياً”.

من جهته، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) رفضه للاستشارة الإلكترونية، معتبرا أنه “قد يكون أداة لفرض الأمر الواقع والوصول إلى هدف محدد سلفا، دون تحديده”.