تواصل السلطات التونسية محاولاتها للسيطرة على الوضع بعد غرق سفينة تجارية تحمل ما يصل إلى ألف طن من الوقود قبالة سواحل قابس جنوبي البلاد، الأمر الذي يثير مخاوف كثيرة بشأن كارثة بيئية.

غرقت السفينة المتجهة من غينيا الاستوائية إلى مالطا يوم الجمعة وأنقذت البحرية التونسية جميع أفراد طاقمها السبعة.

وقالت وزارة الدفاع التونسية، صباح الأحد، إن الدول عرضت المساعدة لتونس للسيطرة على الوضع في محاولة لتجنب كارثة بيئية.

وقال مسؤولون إن السفينة كانت تحمل ما بين 750 و 1000 طن من الوقود وأرسلت نداء استغاثة على بعد سبعة أميال من قابس، استجابت البحرية التونسية له.

وفتحت النيابة العامة، السبت، تحقيقا لتحديد المسؤوليات والاستماع إلى طاقم السفينة، فيما قالت وزارة البيئة إن سبب الحادث سوء الأحوال الجوية.

وأضافت الوزارة أن السلطات شكلت خلية أزمة وتعمل على تفادي كارثة بيئية والحد من أي تأثير محتمل، موضحة أنه سيتم وضع حواجز للحد من انتشار الوقود ومحاصرة السفينة قبل سحب ما يتسرب منها.

يواجه ساحل قابس في جنوب البلاد تلوثًا شديدًا منذ سنوات، حيث تقول منظمات بيئية إن المنشآت الصناعية في المنطقة تتخلص من النفايات مباشرة في البحر.

وبشأن الأضرار المحتملة في حال حدوث تسرب نفطي في خليج قابس، اعتبر الخبير البيئي حمدي حشاد أن وجود ناقلة وقود في البحر أمر خطير، مؤكدًا أنه ستكون هناك كارثة بيئية بكل المقاييس.

وفي حديثه إلى عربي 21، قال الخبير البيئي، حشاد: “يجب أن ندرك أولاً أن حوالي 300 ألف طن من النفط تتسرب سنويًا إلى البحر حول العالم، وأن الزيت لا يختلط بالماء، بل يطفو فوقه و يشكل طبقة رقيقة جدًا تمنع وصول ضوء الشمس إلى الكائنات البحرية المجهرية، التي تقع في قلب السلسلة الغذائية، مما يعني أن جميع الأسماك ستتضرر “.

وأضاف: “إذا انسكب الزيت أيضًا، فإنه سيؤثر على كمية الأكسجين في الماء، مما سيؤدي إلى نفوق كميات كبيرة جدًا من الكائنات البحرية في المنطقة، وخاصة الأسماك والرخويات والقشريات، وكذلك الثدييات البحرية. مثل الدلافين “.

وأضاف حمدي حشاد: “في حالة حدوث انسكاب نفطي لا قدر الله وتحت تأثير تيارات وأمواج المحيط، ستتوسع رقعة الزيت في وقت قصير جدًا، وكلما صغر حجم البقعة زادت سرعة شفط الزيت”.

وأوضح الخبير البيئي أنه “خلافا لما صرح به وزير البيئة بشأن تبخر الزيت إذا تسرب بتأثير أشعة الشمس، هناك مكونات ثقيلة في المحروقات لا تتبخر، بل تنزل إلى قاع البحر و تدمير الحياة البحرية في تلك المنطقة “.

وأضاف الخبير المناخي: “خليج قابس في الأساس منطقة منكوبة، وتاريخياً تعتبر هذه المنطقة منطقة أمازون البحر الأبيض المتوسط ​​كمراعي للأسماك والقشريات حيث تتكاثر هذه الكائنات، لذا فإن حدوث أي كارثة بيئية يمثل ضربة قاتلة للمنطقة “.

وكشف حمدي حشاد أن “هناك حوالي 30 ألف بحار يعيشون بشكل مباشر أو غير مباشر على الصيد البحري، حيث أن كارثة بيئية في حال حدوثها يمكن أن تؤثر على جزيرة قرقنة التي يمثل بحرها مصدر رزق حوالي 80 في المائة من سكانها، أو الغنوش. المنطقة، دون أن ننسى جزيرة جربة، التي تعتبر قطبًا سياحيًا رئيسيًا، والتي يمكن أن تتضرر ونحن على وشك موسم سياحي “.

وقال “نثق في أن الدولة التونسية ستحل الأزمة لكننا ندعوها للتدخل السريع دون انتظار أن تتراكم الأمور”.

وبشأن الحلول اللازمة لمنع تسرب النفط، شدد الخبير البيئي على “ضرورة تطويق مكان الحادث من قبل حراس وحدات (الدرك) أو الجيش الوطني، أو حتى من الشركات التونسية، ومحاولة تفريغ حمولة السفينة. شحنة من النفط لتلافي الأسوأ “.

وتابع: “في مرحلة ثانية تطفو السفينة من البحر وفتح تحقيق لمعرفة أسباب الحادث وتحميل الجهات المسؤولة المسؤولية كاملة”.

وأضاف: “هناك فرضيات بخصوص التخلص من السفن على الساحل التونسي، لكننا نرفض تحويل بلادنا إلى مقبرة للسفن في البحر المتوسط”.

وأضاف: “هناك فرضيات أخرى تتحدث عن استخدام هذه السفن في تهريب النفط، لذا فتحت السلطات التونسية تحقيقا في الأمر واستجوبت طاقم السفينة للتحقق من ذلك”.

واختتم الخبير البيئي بقوله: “نحن كمجتمع مدني جهزنا متطوعين في حال حدوث انسكاب نفطي ولن ننتظر ذلك لننتقل على الفور حتى نكون جاهزين لإنقاذ البلاد من أي احتمال”. كارثة.”