رأس البر هي إحدى المدن الساحلية المصرية التي عُرفت منذ الحكم الملكي كمقر صيفي للطبقة الأرستقراطية، وأصبحت أفضل منتجع صيفي للخديوي إسماعيل في مصر وأحفاده، وكذلك مقرًا صيفيًا للكاتب مصطفى أمين. والكاتب محمد الطبيعي والشيخ الكبير محمد متولي الشعراوي والملحن محمد الموجي والفنانين فريد شوقي ويوسف وهبي وسليمان نجيب. أسمهان وأم كلثوم ولا ننسى السيدة صفية زغلول التي كانت تسافر إلى رأس البر واليوم سنتحدث عن تاريخ المدينة عبر التاريخ للتعبير عن مكانتها العظيمة.

موقع المدينة وأصل كلمة رأس البر

مدينة رأس البر

تقع رأس البر داخل محافظة دمياط في شمال شرق مصر، وسمي العرب تلك المدينة (حي دمياط أو الجيزة دمياط) منذ العصور الوسطى، وذكرها المقريزي في قصيدته (مرج البحرين) عندما زارها. خلال القرن الخامس عشر، وعرفت في العصر الحديث برأس البر ويبلغ عدد سكانها 25 ألفاً ويصبح في الصيف 250 ألفاً.

يقول الرب عز وجل في كتابه العزيز وفي سورة الرحمن تحديداً “يلتقي مرج البحرين بينهما برزخ لا يريد”. والمراد من البرزخ في الآية رأس البر لأنه التقاء البحر الأبيض المتوسط ​​بنهر النيل. البحر الأبيض المتوسط ​​جانبًا غربيًا ونهر النيل جانبًا شرقيًا، ومنطقة اللسان حيث تلتقي المياه المالحة بالمياه العذبة هي رأس المثلث، ولهذا تميزت بموقعها غير المتكرر على الإطلاق.، وذكر في الآية المذكورة.

تعرف علي

يمكننا أن نتخيل جمال الموقع الذي جعل من رأس البر مدينة سياحية من الدرجة الأولى، لذلك يقصدها المصطافون على مر العصور ويسجلون رحلاتهم من خلال الصور، خاصة عندما يزورون منطقة اللسان كورنيش النيل ومنطقة الجربي، تلك المنطقة التي احتفل فيها المصريون بميلاد سيدي الغربي، وتأتي منارة رأس البر كمنطقة جذب سياحي، خاصة بعد تطورها وتطور المنطقة المحيطة بها، فقد أقيمت على البحر الأبيض لتكون دليلاً السفن في طريقهم.

رأس البر والحروب الصليبية

وصلت الحملة الصليبية إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​(في مدينة رأس البر) عام 1169 م، واستطاع الأسطول الصليبي محاصرة مدينة دمياط لمدة 53 يومًا، ودخل الجيش معهم في معركة أسفرت عن سقوطهم. الخروج من المدينة، وتكرر الأمر خلال شهر يونيو من عام 1218 م عندما وصل القائد جان دي برين وتوجه إلى رأس البر بجيش كبير قوامه 70 ألف محارب.

واستطاع البقاء على أبواب مدينة دمياط لمدة ستة أشهر، واحتلها في نوفمبر 1219 م، وبقي فيها ثلاث سنوات وأربعة أشهر كاملة. الحملة الصليبية بعد هزيمتها وأسر القائد لويس التاسع.

رأس البر في القرن التاسع عشر

مدينة رأس البر

مرت بالعديد من الحروب والغزوات، ومع بداية القرن التاسع عشر عاد جمالها وسحرها، وبدأ العمل في صيد السمان والأسماك، وازدادت حركة الشباك والقوارب، وعادت الطوابير إلى شواطئ المدينة. تمتع بجوها وروعة بحرها، وبدأت الحياة تتغير ابتداء من عام 1823 م، كما سنوضح أدناه.

  • خلال عام 1823 م، واحتفالاً بميلاد سيدي الجربي، توجه أتباع الطرق الصوفية ومنهم شيوخ وأتباع إلى شمال نهر النيل، وساروا على الأقدام جنوب رأس البر. حيث منطقة الجربي.
  • خرج عدد كبير من الأسر المصرية خلال فصل الصيف، على متن السفن الشراعية، للاستمتاع بالرحلات النيلية والوصول إلى ميناء رأس البر لمواصلة رحلاتهم في الرياضات والصيد والمشي لمسافات طويلة، وقضوا وقتًا في الراحة والاسترخاء بين الشاطئ. والأكواخ المصنوعة من نبات البردي.
  • وخرج التجار إلى رأس البر في رحلات جماعية وفردية لاستقبال سفنهم محملة بالبضائع والعودة بعد فترة طويلة.
  • مع بداية عام 1865 م، أصبحت رأس البر منتجعًا صيفيًا حقيقيًا للمصريين وغيرهم من العرب، وتحولت الأكواخ المصنوعة من البردي إلى أعشاش مرتبة في صفوف بين شاطئ البحر الأبيض المتوسط ​​ونهر النيل. على الشاليهات التي سافروا إلى الاصطفاف.

تفشي وباء الكوليرا عام 1883 م

انتشرت الكوليرا في مصر، وتم استدعاء العالم الألماني (كوخ) عام 1883 م للتعرف على الأمر ومحاولة التخلص من المرض في أسرع وقت ممكن. (قد يصبح منتجع رأس البر يومًا ما ملكًا لأشهر المنتجعات وأكثرها شهرة).

جاء قول العالم الألماني ليقرع جرسًا جذابًا لأثرياء العالم سواء المصطافين أو المستفيدين من الموقع والمنطقة، وكانت البداية مع إنشاء فندق أصلان من قبل الفرنسيين (باكلان) عام 1891 ميلادي، وفي نفس العام تم إنشاء بار ومطعم بالقرب من الشيخ يوسف طابيا، وتم البناء على يد نفس الرجل الفرنسي وسيدة فرنسية اسمها كورتيل، وإنشاء فندق أمام منارة رأس البر التي كانت الأولى من نوعها حيث جاءت بأقصى درجات التطور وأغرت رجال الأعمال وأصحاب الأموال لتأسيس العديد من الفنادق في المنطقة

منتجع رأس البر الصيفي الأرستقراطي

خلال عام 1902 م بدأت الدولة المصرية في تخطيط مدينة رأس البر كمنتجع صيفي مع خريطة على الأرض توضح الأضرحة والأسواق والفنادق والأعشاش وعدد كل منها. أعمال بريدية من رأس البر إلى دمياط وبالعكس، وتم إنشاء قوارب لاستقبال المصطافين في الرحلات النيلية، كما تم وضع فوانيس في الطرق لإضاءةهم. وهكذا أصبحت المدينة جذابة لشريحة كبيرة من المصريين، وخاصة الطبقة العليا.

في الفترة ما بين 1914 م و 1918 م، اندلعت الحرب العالمية الأولى، ومُنع المصريون من السفر للخارج لقضاء الإجازات، مما جعلهم يتجهون إلى السياحة الداخلية. الذي كان الملاذ الأول من نفس الفئة.

وذهبت الملكة نازلي إلى رأس البر وكذلك الشيوخ والبشاوات. وشهدت كازينوهات المدينة غناء بعض نجوم طرب وعلى رأسهم الفنانة نجاة الصغيرة وانتقلت الفرق المسرحية إلى رأس البر مثل فرقة إسماعيل ياسين وشوكو وفرقة المسرح الوطني والمبدع يوسف بك. فرقة وهبي.

تطوير مدينة رأس البر

يوما بعد يوم ازداد عدد المصطافين في المدينة خاصة مع استمرار التطوير والتحديث، وبلغ العدد نحو 45 ألف خلال عام 1949 م، وفي العام التالي بدأت الدولة في مد شبكة المياه العذبة الجديدة لتشمل جنوب المدينة، ورصف الطريق الغربي ونفذ مخطط مشروع الصرف الصحي وتوسيع الطرق عرضا وطولا، وسهل على الزوار التنقل من مكان إلى آخر عبر (الطفاف) المعروف حتى اليوم.

عام 1967 م (قصدت استخدام كلمة “السنة” لهذا العام لأنها من السنوات السيئة للأمة الإسلامية وبعض الدول العربية)، غيرت المدينة بالكامل لأن أهل بورسعيد انتقلوا إليها بعد نكسة، وأصبحت من المدن المزدحمة على مدار العام، وليس فقط في فصل الصيف.

بوادر تغيير في مدينة رأس البر

  1. ومن مظاهر التغيير تحول العش من طابق واحد إلى عش يتألف من عدة طوابق، على غرار المباني الحالية التي تستخدم الأسمنت والطوب.
  2. تم استخدام المراوح والمكيفات للسماح بدخول الهواء لتلك المباني، بعد الاعتماد على الهواء الطبيعي.
  3. تحولت المدينة إلى منتجع متوسطي بسبب أسعارها المعقولة التي لا ترهق الميزانية.

أخيرًا، أدعو كل من يريد أن يستمتع بالهواء النقي والبحر الأزرق الرائع للذهاب فورًا إلى مدينة رأس البر، لكن علينا أن نحافظ على نظافة المكان لأن النظافة والنظام من أهم ألقاب رقي الناس، خاصة وأن الشعب المصري عرف على مر العصور هاتين الصفتين.